دراسة نقدية لقصيدة عشق دمشق بقلم الأستاذ:خضر أبو ماجد

دراسة نقدية لقصيدة عشق دمشق بقلم الأستاذ:خضر أبو ماجد

دراسة نقدية لقصيدة عشق دمشق بقلم الأستاذ:خضر أبو ماجد


شاعرنا الماجد واحد من الشعراء الأصلاء الذين عشقوا دمشق ولاعجب في ذلك فهي العاصمة لوطنه ،ومحطّ إعجاب الكثير من الشعراء قديماً وحديثاً نذكر على سبيل المثال لا الحصر : المتنبي وأحمد شوقي ونزار قبّاني ،وسعيد عقل ومحمود درويش وغيرهم كثير . .
يقول أحمد شوقي :
لولا دمشق لما كانت طليطلة
ولازهَتْ ببني العبّاس بغدان
آمنت بالله واستثنيتُ جنّته
دمشقُ روحٌ وجنّاتٌ وريحان .
ويقول نزار قبّاني :
هذي دمشق وهذي الكأس والراح
إنّي أحبّ وبعض الحبّ ذبّاح
ولو فتحتم شراييني بمديتكم
سمعتم في دمي أصوات من راحوا .
وشاعرنا جعل دمشق معشوقته الساحرة الفاتنة ولها وجه جميل وعينان وكفّان وعلى خدّيها زهر الرياض وفي شفتيها شهد فيّاض ،وفي حبّها تسمو الروح ،ورباها ربيع دائم تعانق الجوزاء تيهاً وجمالاً ،تعبق بالعطور ،وتسكر من يراها .
وما أجمل نجوى مآذنها ،وصوت نواقيس كنائسها .وهي أرض البطولة والشهادة والكرامة ،وسيفها شاهد على عراقتها وحضارتها وأمجادها ونبلها ،فهي لم ولن ترضى الذلّ أبداً .
وفوق ترابها خطّ الفاروق عمر نور الأماني ،وعامر بن الجرّاح وعمرو بن العاص اللذين قادا الجيوش فاتحين ،ومعاوية الأمويّ ذو الفطنة والذكاء والحنكة السياسيّة( شعرة معاوية) والذي دانت له البلاد شرقاً وغرباً .
- لكنّ الزمان ابتلاها بنذل جبان خبيث غبيّ مجنون وقد جمّع حوله كلّ أبله وأحمق وسلّطهم على أبناء دمشق ،وأتى بالدجّال الحاقد ( الخامنئي) بجيش برابرة لينشر الشرك ويكيد للإسلام والمسلمين .
لكنّ أهل الشام هبّوا بثورة عارمة هرب على إثرها ذلك الأخرق الغبيّ ، وبات الدجّال يضرب رأسه بالحائط .
- وجاء بعد هذا المخاض الأليم رجل بطل من أصل كريم لينزع عن رقاب الشعب الظلم ويعلن ولادة فجر جديد يفيض غيثاً وودقا .
ويختم قصيدته ببيت غاية في البلاغة والبيان بقوله:
( دمشق ووجهها الأمويّ فخر
لنفخ الصور عامرة ستبقى .)
- نوّع الشاعر في أساليبه ( نداء ،استفهام ،شرط ،كلام خبري) لجذب انتباه المتلقّين وإبعاد الملل عنهم .
وغرضه من النداء : التعظيم والإغراء والتشويق ،وإظهار تعلّقه الشديد بدمشق.
أيا نفح الربيع يضوع طيباً
فتنشق عطره الأرواح نشقا.
أيا بردى وفي قلبي حنين
يكاد يحرّق الأحشاء حرقا .
دمشق وسيفك الفولاذ رمز ٌ
لأنّك ما رضيت الدهر رقّا .
وبأسلوب الشرط قوّى شاعرنا الكلام ،وأكّد المعاني ،والصورة زادها جمالاً فوق جمالها ،ونتيحة الشرط جعلها أشدّ أثراً في النفس .
وأسلوب الاستفهام وغرضه منه : التعجّب وإظهار حبّه الشديد لها ،والافتخار بأمجادها . ولذلك كرّر كثيراً اسم دمشق .
- ويستحضر شاعرنا شخصيّات تاريخيّة كان لها دور عظيم في تاريخ دمشق كالفاروق عمر ،وعامر بن الجرّاح ،عمرو بن العاص ،ومعاوية ،للتغنّي بأمجادها وبطولاتها ومآثرها الطيّبة الموروثة ،للتأثير في النفوس ووجداناتهم ،ولبثّ روح الحميّة والحماس ،لتكون حافزاً من أجل استعادة دمشق وجهها المشرق ،وتدارك ما لحق بها من ذلّ وهوان على يد ذلك الهارب الأحمق ذيل الدجّال المجوسي .
- اكتظّت القصيدة بالصور البيانيّة التي وضحّت المعاني ومنها : شخّص دمشق وجعل لها وجهاً وعينين وخدّبن وشفتين وكفّين ،بوح النسيم يناغي كلّ الصبح ،رباها تعانق الجوزاء تيهاً ، نجوى المآذن ،في نقش العصور لها سطور ،ويصف الهارب : جاهل كالتيس ،يحكّ بقرنه جبلاً عظيماً ،نذل كجيفة هرٌة ،يظنّ نفسه ديكاً فصيحاً ،أتى وليد يفيض سحابه غيثاً وودقا،ويعلن ميلاد فجر جديد . . . . . الخ)
وهي صور موحية ،أضاف إليها ظلالاً من عنده فحقّقت امتدادات،وتلوّنت بمشاعره ورؤاه ، وغايته منها التأثير في المتلقّي وإثارة انفعاله ليؤدّي إلى بسط النفس إزاء دمشق .
وجعل شاعرنا المبدع أحياناً حسن الصورة يسري في المعنى ليجذب المتلقّي ويشوّقه إلى دمشق ،فيزيد من إعجابه بها وبماضيها العريق .
وأحياناً يجعل قبح الصورة يسري في المعنى لينفّر المتلقّي من هذا الأخرق الهارب الذي ابتليت دمشق به أكثر من عقد من الزمان ،وكان ذيل الدجّال ( الخامنئي) .
- القصيدة من البحر الوافر وموسيقاه الجميلة وأضفى مع القافية المطلقة موسيقا خارجيّة بديعة وعذبة ،والموسيقا الداخليّة أيضاً عذبة .
ماشاء الله ! معلّقة . تحدّثت عن دمشق وتاريخها المجيد الحافل بالبطولات الذي كان امتداداً لحاضرها المشرٌف .
وظهر فيها مشاعر الافتخار بدمشق واعتزاز بشهدائها ،وإعحابه بها ،ومشاعر كره وبغض للمجرم السفّاح ذيل إيران الذي أذاقها الويلات وقتّل أبناءها .
ومشاعر اعتزاز بالقائد البطل الذي خلّص البلاد من ربقة الظلم والطغيان .
- إنّك حقّاً شاعر أصيل ،تمتح من نبع عذب لاينضب .
طاب المنهل العذب ،ونعم الشاعر أنت ،تحيّاتي الخالصة لك .

الأستاذ:خضر أبو ماجد

ليست هناك تعليقات